قرأت فيما سبق مقالات لكتّاب كثيرين. يقولون إنّهم برعوا في كتابتها و أتقنوا ، و لكنّهم لايزالون عاجزين عن كتابة قصّة. و أنا أقول لهم إنّكم قد أنجزتم الدّور الأكبر، وهو تعلّم الكتابة بسلاسة و حنكة. وهذا الأمر ليس بالهيّن، فمن يريد أن يتّخذ من الكتابة أداة للتّواصل لابدّ أن تكون لغته سليمة. غير أنّ هناك عنصرا مهمّا آخر لا يمتلكه أيّ إنسان ” إنّه الإبداع”.إنّ من يريد أن يكون ساردا محترفا للقصص، لابدّ أن يتّبع خطوات معيّنة في كتاباته، ومن أبرزها:
1. معماريّة وهندسة القصة:
أن يكون للقصّة تصميم للأحداث ، فكما للمنزل مخطّط للبناء المحكم، القصّة أيضا لديها مخطّطها الخاصّ. حيث تبدأ الأحداث بشكل هادئ ثمّ تتسلسل نحو الصّعوبة حتّى تصل إلى العقدة، وهي اللّب الّذي تدور حوله أحداثها.
2. الشّخصيّات:
منها الرّئيسيّة وهي الّتي تحرّك الأحداث بشكل أساسيّ، و الثّانويّة الّتي تلعب دور المرآة العاكسة فتبرز أبطال القصّة بشكل واضح للمشاهد أو القارئ.
3. الوقت و المكان :
لابدّ من تخصيص زمان و مكان للقصّة ،لأنّهما يساعدان على التّركيز على حقبة معيّنة فتراعى في ذلك الوقت و المكان صفات النّاس و درجة ارتباطهم بالتّاريخ و طريقة الحياة آنذاك.
4. مزاج القصّة:
إذا صحّ التّعبير فللقصّة مزاجها وهو تداخل العواطف فيها، كأن تكون محزنة ( تراجيديا) أو مضحكة (كوميديا) وكلاهما يندرج تحت اسم ( دراما).
5. الخيال الواسع :
وهذا من العوامل الّتي يصعب وجودها في الكتّاب ، ومن تكون لديه هذه السّمة ينجح في بلوغ المنى في كتاباته.
6. اللّغة:
إتقان لغة القصّة أمر بالغ الأهميّة، لأنّ الكاتب من خلال عباراته المنتقاة يستطيع أن يترك أثرا في نفس القارئ.
7. الهدف:
لابدّ أن تكون القصّة هادفة إلى غاية نبيلة محدّدة، كالدّفاع عن الوطن مثلا.
ومع كلّ هذه العوامل، يبقى الإبداع أبرزها،و هو البحث عن الغرابة و الأفكار الجديدة لإضفاء نوع من التّشويق و الإثارة على الأحداث.
لقد توارثت الأجيال قصصا كانت غالبا مّا تسرد علينا من أجدادنا ونحن صغار. وقد كان لها دور فاعل في تربيتنا، كعدم إئتمان الصّغار للغرباء و التّحدّث إليهم،وعدم الإبتعاد عن المنازل منفردين، وعدم اللّعب بالنّار وغيرها. فالغرض الأساسيّ الّذي ترمي إليه القصّة هو مناقشة قضيّة اجتماعيّة، ومحاولة معالجتها و إيصالها إلى الرّأي العام.
ومع الوقت ، و بالممارسة المتواصلة للكتابة، يستطيع الكاتب أن يكسب شهرة و مجتمعا خاصّا متابعا لنشاطاته، و قد يصل للعالميّة و ينال جوائز عدّة عن قصص كان يحسب أنّها ستبقى أسيرة رفوف المكاتب إلى الأبد.
ما هو تقييم للمقال ؟
تقييم الموضوع:{[['
']]}